قصة اسفل المشرحة في السرداب ( الجزء التالت)

“أنا كنت عملت معاه سليم.” ما داش اهتمام لفتوح وبصلي وهو بيقول لي: “إيه يا أستاذ، جاي ليه؟”

انتهزت الفرصة ورديت عليه كأني كشفت كل حاجة. “جاي علشان أقول لك إنّي عرفت كل حاجة ورا موت ممدوح، بس اللي لسه معرفتوش هو السبب ورا كتابتك لتقرير غلط.”

رد: “أنا مش فاهم انت بتتكلم عن إيه. وعلى فكرة، أنا مش مجبر أبرر لك طريقة موته. أنا راجل بعمل شغلي على أكمل وجه، ودلوقتي بقى لو ما مشيتش، أنا هكلم الشرطة. يلا من هنا.”

بعد ما قال لي إنه هيتصل بالشرطة، أخد بعضه ودخل جوه المشرحة. وعلى الرغم من دخوله وهو متعصب، إلا إنّي دخلت وراه. وفي نص الطريق، شفت كائن بيجري من بعيد وهو لافف وشه الناحية التانية. واللي لاحظته فيه إنه ضهره محني وشعره خفيف، لكنه يشبه البني آدمين. جلده وطريقته حتى مشيته كانت طبيعية جدًا، يمكن بس الاختلاف إنه بيعرج عرج بسيطة ودي طبيعية ما فيهاش حاجة.

بس اللي كان غريب في الموضوع هو اللي حصله أول ما قرب من دكتور طارق، وقتها دكتور طارق مسك راسه وصرخ بصوت عالي. وبعدها جري على جوه مرة تانية. وفي اللحظة دي، عينك ما تشوف إلا النور. أما عيني أنا، فما شافتش غير الضلمة. وفي حاجة جديدة ضربتني على راسي، وخلتني أفقد كل حواسي مرة واحدة.

وتدريجيًا، الدنيا اسودت. ولما بدأت كل حاجة ترجع طبيعية مرة تانية، لقيت نفسي مربوط على كرسي جلد. ولما بدأت أرجع لتركيزي، لقيت قدامي أنبوكتين كبار. وجوه الأنبوكتين شخصين: واحد منهم كان شكله طبيعي ما فيهوش أي حاجة، والتاني هو نفس الكائن اللي شفته برة، بس المختلف إنه كان نايم. وتقريبًا كده نايم نتيجة الغاز اللي كان بيضخ جوه الأنبوبة اللي هو فيها.

وفي وسط ما أنا مركز معاه، لقيت شخص كبير في السن وشعره أبيض قاعد قدامي، وكان لابس نفس النظارة اللي شفت دكتور طارق لابسها، ده غير برده البالطو اللي كان حاطط فيه نفس القم الغريب. وقتها انتهزت الفرصة وقلت له: “انت مين؟”

وراّتني في الكرسي كده. “ليه صاحبك الصحفي كان أدكى منك، قدر يعرف كل حاجة عنّا في وقت قصير ومن غير ما يلفت الانتباه؟ أما انت، فغبي فضحت نفسك. وكنت فاكر إنك بكده أسكى منّا، لكن أحب أبشرك إننا كنا مراقبين من البداية. مليتلسع من الشوربة ينفخ في الزبادي. احنا آه، في البداية كنا مراقبين فتوح، لكنه كان سليم وما بيعملش حاجة. بس للأسف ما كناش نعرف بقى إن الزمن هيغيره. ما هو البرشام بيعمل عمايله، وأخرته انكشف سرنا على إيد ممدوح.”

“أنا مش فاهم حاجة، انتوا مين واحنا مين؟”

“ومردتش على سؤالي برضو، انت رابطني كده ليه؟”

“مش لازم تعرف احنا مين. وعلى فكرة، احنا ما كناش عايزين نعمل لك حاجة. بالعكس، كل حاجة كانت بتحصل هنا علشانكم. أصل انت ما تعرفش اللي مستنينا يبقى إيه، وإيه اللي بيحصل.”

“علشان أعرفه، أنا مش فاهم حاجة.”

“بتعرف تجيب أخبار كويس قوي، وبتقدر تعمل علاقات بلسانك الحلو، ومع ذلك، بتفتقد حواس الصحفي الشاطر. وهي مش موجودة غير عند عدد معين من البشر، والعدد ده أنت مش منه. تعرف ليه؟ علشان لو عرفت مين اللي كان بيقعد على الكرسي ده قبلك، هتعرف إنك غبي ووقعت نفسك في حاجة أنت مش قدها.”

“هو مين اللي كان بيقعد هنا قبلي؟ وبعدين، أنت تعرفني منين؟”

“حاتم، حاتم مصلحي. فاكر حاتم يا صابر؟ أخوك، أخوك اللي اختفى من 20 سنة.”

مجرد ما سمعت اسم أخويا، صعقت، ونبضات قلبي بدأت تعلى. ومش بس كده، أنا لساني اتشل وماكنتش عارف أقول إيه. وبعد لحظات من الصمت، الشخص اللي قدامي كان باصص لي لحد ما اتكلمت: “أنت بتلعب بيا صح؟”

أخيرًا نطقت، بس أنا هقول لك، ولا أقول لك ليه. شايف التجربة اللي انت شفتها من شويه، أو زي ما إحنا لقبناها بموت، أهو ده بقى يبقى أخوك. وبعدها شاور على الأنبوبة اللي كان فيها الكائن الغريب صاحب الظهر المحني. ولما شاور عليها كان بيقول لي: “أعرفك ده يبقى أخوك موت.”

من الصدمة، الدموع نزلت من عيني بتلقائية. ولأني لسه مش مستوعب، رديت عليه وقلت له: “أخويا، إزاي يعني؟ أخويا إزاي؟ أنتوا بتلعبوا عليا. أيوه، أكيد دي لعبة، أنا أخويا اختفى وما حدش لقاه!”

“ركز معايا. أخوك ما اختفى. احنا اللي استعنا بيه هو وغيره علشان يساعدونا في اللي أنت موجود فيه دلوقتي. بمعنى أصح وأدق، أخوك بطل قومي. خدم منظمتنا لحماية الأرض اللي أنت موجود عليها دي. وعلشان أنت بتحب الأخبار الحصرية، هقول لك خبر هيعجبك قوي: الحرب العالمية الثالثة قربت، وقربت قوي كمان. ومع موت وغيره من النسخ اللي هتتعمل زيّه، هنقدر نكسب الحرب من قبل ما تبدأ.”

“أنت أكيد مجنون! أنا عذرك علشان اللي هتسمعه دلوقتي هيبقى صعب عليك. بس أنا هقول لك الموضوع وما فيه: إننا قررنا نشتغل على تطوير البشر من أكتر من 20 سنة، ولأننا كنا عايزين العنصر اللي هنجرب عليه، خطفنا أطفال كانوا عالة على أهلهم ومش هيقدروا يصرفوا عليهم. وبدل ما كل طفل منهم يطلع بلا قيمة، هيبقى له قيمة حقيقية بعد التجارب اللي هنعملها عليه. ومن هنا، وفي سرداب تحت المشرحة، قدرنا نبدأ في تجاربنا لحد ما التجارب نجحت على موت. ودلوقتي بنخطف ناس أكبر، بعد ما قدرنا نطور حاتم لموت. أو بلاش نخطف دي، علشان ما بحبهاش. خلينا نقول بنعمل معروف معاهم. وقريب قوي، موت مش هيبقى لوحده وهيبقى فيه كتير غيره. وعن طريق نظرة واحدة من عينيهم، هيقتلوا أي واحد يبص لهم، وكل ده عن طريق أشعة بتطلع من العين. والأشعة دي بتتلف أجهزة الجسم في الحال.

لكن تعرف إن آخر موت ممدوح هو إنه لما دور ورانا وعرف حاجات كتير عننا، اخترق المعمل. وعن طريق الكاميرات عرفنا إنه بص في عين موت بس عن طريق المرايا. ولأن النظر ما كانش بشكل مباشر، الأشعة حرقت أجهزة جسمه بس بالبطيء. وبعدها رجع بيته ومات هناك. ولما جابوه للمشرحة، كان لازم نخفي أي حاجة تلفت الأنظار. وعلشان كده قلنا إن الموت طبيعي، لأن أي حد هيكشف عليه مش هيعرف اللي جواه، وإحنا بس اللي قدرنا نعرف ده.”

“إنتوا إزاي كده؟ إنتوا أكيد مش بشر!”

“فعلاً، كل ده قليل على اللي هيحصل قدام. لأننا ما وقفنا موت عند الحد ده، بس إنا بدأنا نطوره مرة تانية. وبدل ما يبقى عنده قدرة واحدة، هيبقى عنده اتنين، والقدرة التانية هتكون التواصل عن طريق العقل. وزي ما نجحنا مرة، ابتدينا ننجح المرة دي كمان.”

“طب وإنتوا إزاي ما بتموتوش لما يبص في عينيكم؟”

“اللي بيصنع الداء يعرف يصنع الدواء، والدواء في الموضوع ده بسيط. إحنا بنلبس النظارات دي علشان نمنع الأشعة من اختراق خلايا العين، وعلشان نبعد موت عنّا. ونحجمه بنحط القلم ده في جبنا، وعن طريقه بيطلع أشعة بتسبب له صداع شديد، وبتبعده عنّا.”

“وليه بتعملوا ده كله؟”

“ما أنا قلت لك، الحرب العالمية الثالثة قربت. وعن طريق المشروع ده هنقدر نسيطر على العالم كله. وأظن إن الحرب لعبة، وإحنا بنلعبها صح. وبس كده، كفاية عليك اللي أنت عرفته. ودلوقتي، أحب أقول لك الخبر الرئيسي للسهره: أخوك هو اللي هيخلص عليك.”

“وكل ده بنظرة واحدة بس.”

ومع آخر كلمة قالها، شاور بصباعه لشخص قاعد على جهاز بعيد وضغط زرار. في لحظة، الأنبوبة اتفتحت وقبل أن تتفتح، الشخص اللي كان واقف قدامي ابتعد عني. في تلك اللحظة، موت أو حاتم أخويا خرج من الأنبوبة. لكن الغريب إنه ما كانش باصص لي، وكان في ذهول. كل اللي موجودين بالعكس، كان لاف في راسه وهو بيقرب مني. وبلسان ثقيل قوي، اتكلم وقال لي: “صابر، اهرب يا صابر!”

اللي كان بيكلمني وقتها ده مش موت، ده حاتم أخويا، وأنا حاسس بيه. والموضوع ما خلصش هنا. أخويا فكّني وهو بيقول لي وسط ذهول كل اللي موجودين: “اهرب يا صابر، أنا أخوك حاتم!” اهرب!” مع فكه القيود، قامني وشاور لي على طريق الخروج. لكن الموضوع برضه ما خلصش. هم ما فضلوش مذهولين كتير، خاصة الشخص اللي كان بيكلمني من لحظات. الشخص اللي قام من مكانه، شد سلاح من قدامه قبل ما يضرب نار على حاتم.

جريت لطريق الخروج، حاتم خد الرصاصة لكنه ما وقعش على الأرض. بالعكس، ده جري عليهم مقاوم الأشعة اللي طالعة من الألم. وعلى الرغم من إنه كان بيصرخ من القلم اللي كان فيه، إلا إنه قاوم وخالع النظارة من على وش الشخص اللي كان بيكلمني. كل ده حصل وهم كلهم واقفين مصدومين ومش عارفين يعملوا إيه. ولكن برصاصة واحدة في نص دماغه، مات حاتم.

أما أنا، فجريت على بره بكل سرعتي. ودلوقتي أنا مستخبي في شقة جدي القديمة وبكتب لكم المقال ده. أي نعم، أنا معارفش هتصدقوني ولا لا، بس دوروا، أكيد هتلاقوه هناك في السرداب اللي تحت المشرحة.

وبس كده، بهنا تكون انتهت القصة دي. القصة دي مستوحاة من تجارب استنساخ البشر اللي حصلت في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي. فدوروا ورا الأحداث دي، هتلاقوا حاجات كتير تخضكم أكتر.

النهاية
بتعليقاتكم نواصل.

Exit mobile version