لديّ قصة حصلت في الكويت عام ١٩٨٨. هذه القصة غريبة، تتحدث عن عائلة عراقية عاشت في الكويت عام ١٩٨٨، عاشت مستقرة منذ سنوات طويلة، وأولادها من مواليد الكويت، يدرسون ويعملون فيها، أي أنهم كانوا مستقرّين. وتجدر الإشارة إلى وجود العديد من العائلات العراقية قبل الغزو العراقي للكويت، حيث كانت نسبتهم كبيرة جداً. لكن بسبب هذا الخلاف والغزو، أصبح عددهم قليلاً الآن، على الرغم من أنهم كانوا كثيرين سابقاً، وكانت تجارتهم مزدهرة، وأمورهم مستقرة. المهم، ربة هذه العائلة - الأم اسمها سعدية، متزوجة من رجل اسمه ماجد .
يعمل ماجد في شركة مقاولات، هندسية وإنشائية. لديهم أطفال، وكانت سعدية تعمل ممرضة في أحد المستشفيات الحكومية في الكويت. كانت حياتهم سعيدة ومنظمة، بلا مشاكل، والحمد لله، وأمورهم طيبة. في أحد الأيام، قبل وقوع الجريمة، تعرّض أخوها في العراق لحادث، كان برفقته زوجته، وتوفيا - الله يرحمهما - هو وزوجته، تاركين أربعة أبناء: بنتين وولدين. لديهم أربعة أشقاء: أخ كبير وثلاث أخوات.
وهؤلاء الثلاثة يعيشون في العراق، وسعدية في الكويت. وقد تبنََى كل واحد منهم أحد الأبناء ليربيه مع أولاده. أخذت سعدية، المتزوجة والعايشة في الكويت، يسرى، البنت الكبرى، لتربيها مع بناتها الصغيرات. أتمّت سعدية الأوراق اللازمة وجلبت يسرى لتعيش معها في الكويت. سعدية موظفة ممرضة، وزوجها يعمل في شركة كبيرة للهندسة والإنشاءات، وراتبهما جيد، ولديهما منزل جميل ومنظم في الكويت، وأمورهم طيبة. ربّت سعدية يسرى فعلاً. باعتبار يسرى أكبر من بنات سعدية بسنتين أو ثلاث، فعندما بلغت عشر سنوات، أصبحت سعدية تعتمد عليها في شؤون المنزل، لأنها كانت أكثر فهماً من بناتها الصغيرات، وكانت مؤدبة.
أصبحت يسرى كواحدة من بناتها، بل أكثر. أحبتها سعدية حباً جماً، أرادت أن تعوضها عن وفاة والديها، وعن الظروف الصعبة التي مرت بها. لم تقصر سعدية أبداً مع يسرى، وكانت يسرى فتاةً شاطرة، بدأت تتأقلم مع الوضع، وأكملت دراستها بتفوق. لديها عقلية متقدمة، دائماً ما كانت الأولى في دراستها، دون أن تحتاج إلى دروس خصوصية. فرحت سعدية كثيراً، لأن جميع أفراد عائلتها وأقاربها وأخواتها في العراق كانوا يتلقون أخبار يسرى، بأنها متفوقة، وأن سعدية لا تقصر معها، وأنها تعيش حياةً رائعة كأنها ملكة في المنزل، ترتدي أجمل الملابس، وتحصل على كل ما تحتاجه. لم يكن ينقصها شيء، وهذا ما أسعد سعدية، لأنها لم تقصر مع ابنة أخيها الله يرحمه.
وعاشت يسرى معها سنة، سنتين، ثلاث، أربع... حتى بلغت أربعة عشر عاماً. من ينظر إلى يسرى في ذلك الوقت، يقول: مستحيل أن تكون هذه فتاة في الرابعة عشرة من عمرها! فبعض الفتيات في سن الثالثة عشرة أو الرابعة عشرة تبدو كأنها في العشرين أو الخامسة والعشرين من العمر، تظهر عليهنّ أنوثة مبكرة، بينما أخريات يبلغن الخامسة والعشرين ولا يزال يبدو عليهنّ الصغر. هناك اختلاف في أجساد الفتيات. كانت هذه هي مشكلة يسرى، فمن ينظر إليها يظن أنها امرأة كاملة الأنوثة، بسبب ملامحها وشكلها. وبالإضافة إلى ذلك، كانت يسرى مدللة وجميلة، وكانت تعاني من هذا الأمر، حتى في المدرسة والشارع، حيث كان كل من يراها يلاحقها، وعندما يعلم بأن عمرها أربعة عشر عاماً فقط، ينصدم! في المدرسة، كانوا يسألوها: هل عمرك أربعة عشر عاماً أم عشرون؟ لكن سعدية لم تنتبه لهذا الأمر، فقد اعتبرت يسرى كبقية بنات منزلها، ففي البيت كانت ترتدي ملابس البيت العادية، وكانت تعيش كأخت لبنات سعدية، بين أخواتها وأمها وأبيها، وكان ماجد، زوج سعدية، (وهو زوج عمة يسرى أيضاً) يعيش معهم في المنزل.
وكان ماجد يرى يسرى، المفعمّة بأنوثة مبكرة، وهي ترتدي ملابس قصيرة داخل المنزل. ولكنها ليست ابنته، بل طفلة في الثالثة عشرة أو الرابعة عشرة من عمرها، لا تفكر في شيء، وتعتبره كأبيها. لكن يبقى ماجد رجلاً، ولا يجوز أن تنكشف عليه بهذه الطريقة. كان ماجد يعيش حياةً رتيبة مع سعدية وبناتها، لأنه كان يقضي معظم اليوم خارج المنزل، ولا يعود إلا للنوم، ليتأكد من نوم الأولاد حتى لا يزعجوه. كان يغادر المنزل بمجرد استيقاظه، ولا يهتم بأي شيء. كان اهتمامه بعمله أكبر من اهتمامه بالمنزل، ولا يرغب في العودة في منتصف النهار أو وقت الراحة. كان يفضل قضاء وقته في المقهى أو المطعم، ولا يعود إلى المنزل إلا وقت النوم. وإذا نام، نام وحيداً، دون أن يهتم بسعدية، التي شعر بأن علاقتهما قد بردت، وأنها مشغولة ببناتها وبعملها. كما أن الأولاد يحتاجون إلى من يرعاهم ويدرسهم، وسعدية مشغولة عنهم، وماجد لا يريد من المنزل سوى النوم. في أحد الأيام، كالعادة، اضطرت سعدية، بسبب عملها كممرضة، إلى البقاء في المستشفى بسبب نوبات عمل متأخرة أو حالات طوارئ، مما اضطرها للبقاء في مقر عملها ليوم أو يومين حسب الظروف.
كانت سعدية تعاني من ضغط عملها الذي كان يستنزف طاقتها ووقتَها، مما جعلها مشغولة عن أطفالها. في أحد الأيام، عاد ماجد إلى المنزل ليلاً ونام. اعتبرت يسرى كالإبنة الكبرى في المنزل، مسؤولة عن رعاية الجميع، وخاصةً أنها تعلم أن والدتها (عمّتها) سعدية تعمل بنظام المناوبات، وأن لا أحد سيُعدّ العشاء لماجد. لذلك، قامت يسرى بدور الأم في غياب سعدية. عندما رأت ماجد عائداً إلى المنزل ليلاً، وأنها تعلم أن سعدية في المستشفى، ذهبت إلى غرفته قائلةً: "عمّي، أتريد أن أُحضّر لك العشاء". هذه هي المرة الأولى التي يركز فيها ماجد على يسرى، على شكلها وجسدها وملابسها، وعلى أنوثتها المبكرة. لم يكن ينظر إليها كابنته. قال لها: "حسناً، حضري العشاء". بدأ الشيطان يُوحي إليه، فقد كانت يسرى فتاة صغيرة وجميلة، وسعدية أكبر سناً ومشغولة. حضّرت يسرى العشاء، وجلبته له قائلة: "تفضل، عمي". طلب منها الجلوس بجانبه، وقال إنه لا يستطيع تناول الطعام بمفرده. جلست يسرى، كأنها ابنته، وقامت بتقديم الماء والشاي وغيرها من الأشياء. بدأ ماجد يقترب منها تدريجياً. شعرت يسرى بأن الوضع غير طبيعي، فخافت وارتبكت، ولم تستوعب الموقف، لأنها اعتبرته كأبيها. لكن الحقيقة هي أنه لم يكن كذلك، بل كان سلوكاً خاطئاً. خرجت يسرى من الغرفة خائفةً ومرتعشةً. وفي صباح اليوم التالي، لم تعد السعدية بعد.
وعلم أنها ستتأخر، فمن الممكن أن تعود في وقت الظهر، وليس في الصباح. رأى ماجد أن أطفاله الصغار قد ذهبوا إلى المدرسة، وكذلك يسرى كانت آخر من سيغادر المنزل. كانت يسرى تقوم منذ الصباح بتحضير فطور أخواتها، وهم يذهبون إلى المدرسة قبلها، فتكون هي آخر من يرتدي ملابسها ويغادر. عندما تأكد ماجد من أن المنزل خالٍ إلا من يسرى، ناداها. قالت: "نعم عمي". عادت إليه، وكل ما في بالها أن ما حدث بالأمس لم يكن كما فهمته، وأنها بالغت في فهمها، فاعتذرت له. ناداها مجدداً وقال لها: "هل يمكنكِ أن تحضري لي الشاي؟". قالت له: "حاضر"، على الرغم من أنها كانت متأخرة بعض الشيء. وخلال ذهابها إلى المطبخ، ذهب ماجد إلى باب البيت وأغلقه، وتأكد من عدم وجود أحد متأخر عن المدرسة، ثم انتظرها في غرفة النوم. بمجرد أن أحضرت الشاي، أغلق الباب عليها، واعتدى عليها. صرخت يسرى وبكت وضربته، لكن حدث ما حدث. أصبحت يسرى منهارة ومصدومة، لا تصدق ما حدث. قال لها: "لا تتحدثي، فإن علمت عمتك سعدية بما حدث، ستطردك من المنزل وستقتلك". في ذلك اليوم، لم تذهب يسرى إلى المدرسة، بل مكثت في غرفتها تبكي ومنهارة، لا تقبل ما حدث. عادت سعدية من عملها ووجدت أن يسرى لم تذهب إلى المدرسة، فسألتها ماذا بك فقالت إنها متعبة، ولاحظت سعدية توتر يسرى وبكاءها، وتغير لون وجهها، لكنها لم تخبرها بما حدث. لم يكن ماجد موجوداً عندما عادت سعدية، فقد ذهب إلى عمله. وتكرر الاعتداء على يسرى يوماً بعد يوم، مما زاد خوفها ورعبها.
أخبرها ماجد بأن لا أحد سيكتشف الأمر، والأهم ألا تعترف أو تتحدث، وهددها بالقتل أو تسليمها للشرطة. كانت يسرى وحيدة، لا ملجأ لها إلا عمتها سعدية، لكن ماجد جعل من سعدية نفسها خطراً عليها. لم تجد يسرى حلاً سوى الصمت وتحمل معاناتها. وبالفعل، استمر الأمر أسبوعاً، أسبوعين، ثلاثة... وكلما سنحت الفرصة، كان ماجد يعود إلى المنزل مبكراً، على عكس ما كان عليه سابقاً، حيث كان يقضي وقت الظهيرة في المقاهي ويتأخر. أصبح يعود مبكراً، ويقضي وقتاً أطول في المنزل، خاصة عندما يعرف أن زوجته تعمل بنظام المناوبات الليلية، أو ستبقى في العمل لفترة طويلة. كان يبقى في المنزل ليستغل يسرى.... بعد فترة، لاحظت سعدية أن يسرى لا تقترب منها كما كانت تفعل سابقاً، وتتهرب منها، وتتظاهر بأنها مشغولة بالدراسة، وتبقى في غرفتها، ولا تنظر إلى عمتها في العين.
استغربت سعدية، وبدأت تركز على حالة يسرى، فقد لاحظت شحوب وجهها وتعبها، كما كانت تسمع صوت بكائها من الحمام. سألتها: "ماذا بكِ؟ هل أنتِ مريضة؟" لكن يسرى كانت تنفي الأمر. كانت يسرى في بداية حملها، وبدأ بطنها يكبر تدريجياً. أدركت يسرى أنها حامل، وعاشت في رعب، لا تعرف ماذا تفعل. كان ماجد يهددها، ويقول لها: "لا تتحدثي، سنحلّ هذه المشكلة لاحقاً"، وكانت يسرى تعيش في جحيم، وحيدة، لا ملجأ لها. في أحد الأيام، دخل ماجد المنزل، وعرف أن زوجته تعمل، وخطط للاعتداء على يسرى. لكن سعدية دخلت على يسرى في غرفتها، وأغلقت الباب، وبدأت باستجوابها، لأنها شكّت في أمرٍ ما. كانت يسرى تبكي، وسمع ماجد حديثهما من خلف الباب، فخاف من أن تُفضحه يسرى. انتظر ماجد في الصالة، وسمع سعدية تقول ليسرى: "تكلمي، ما بكِ؟ أخبريني، وأنا كأمّ لكِ". كانت يسرى تصرّ على نفي الأمر، وتبكي، مهددة بالقتل. بعد حديث طويل، فتحت سعدية الباب وهي غاضبة، فقال ماجد لنفسه: "يجب أن أتخلص منها قبل أن تُفضحني". نادت سعدية ماجد، وقالت: "ماجد، أريد أن أتحدث إليكِ". فكر ماجد في التخلص من يسرى، ثم ذهب معها إلى غرفة النوم، مُرتعداً وخائفاً من الكشف عن أمره. قالت سعدية لماجد: "ماجد، يسرى تحبكِ كأبٍ لها، أنتَ من ربّاها، ويمكنها أن تستمع لك، كلمها، واكتشف ما هو الأمر، لماذا تغيرت حالتها، لماذا تبكي، ولماذا تغلق على نفسها باب غرفتها؟ أشعر أنها مريضة".
لكنها لم تكن راضية عن الكلام هنا. تنفس الصعداء. من سذاجتها، سعدية ذهبت لتشتكي لماجد عن يسرى، قائلة "اذهب وحدثها لحل مشكلتها. ماذا هنالك؟" فقال: "لا، لا، الموضوع عندي. لا تقلقي."
دخل على يسرى. يسرى، جنّت، إذ بكل وقاحة، وزوجته موجودة، قال لها: "اسمعي، ولا كلمة. تفهمين أم لا؟ هذا الموضوع أنا سأحله، لكن لا تعترفي بأي شيء. تفهمين أم لا؟" قالت له: "ماشي، ماشي." البنت لم يكن لديها حل آخر. خرج وقال لسعدية: "خلاص، الموضوع عندي، والبنت لا تعاني من شيء، لكنها تمر بمرحلة البلوغ." وسعدية صدقت.
مرت الأمور بطبيعية وعادت لعملها، ويومًا بعد يوم، وبعد مرور أربعة أشهر، كبر بطن البنت وصار واضحًا. حاولت البنت بطرق كثيرة ألا يظهر ذلك في لبسها، وملابس المدرسة. لكن سعدية انتبهت لها بالصدفة، وأمسكت يسرى.
تذكرت الحالة التي مرت بها البنت من فترة، وكيف كانت انطوائية ولا تتكلم مع أحد وتستفرغ. أخذتها إلى الغرفة وقالت "يسرى، بطنك كبير. لماذا؟". أجابت "لا شيء، أنا تعبانة. أنا مريضة."
"تكلمي، أنت بطنك فيها شيء. من هنا وهناك، ضغطت عليها." البنت انهارت، وأجهشت بالبكاء. قالت لها: "من الذي فعل هذا بك؟ تكلمي." لم تكن راضية، وكانت خائفة. قالت لها: "أنا حامل." "من من؟". كان في بال سعدية أن البنت عندما كانت تذهب للثانوية ظهراً، لم تكن تذهب للمدرسة بل مع شخص تلاعب بها وفعل السالفة. لكنها ضغطت عليها أكثر من مرة ولم تعترف.
اكتشفت سعدية المصيبة، والآن الكل سيلومها من عائلتها وغيرها. قامت وقررت الاتصال بأخيها الكبير في العراق وقالت: "تعال بسرعة، لدي مصيبة." "ما الذي يحدث؟" قالت له: "يسرى، بنت أخيك." "ما بها؟ هل فيها شيء؟" قالت: "نعم، البنت حامل، ولا أعرف من هو والد الطفل. حاولت معها، لكن لا شيء."
"أنا خائفة من الفضيحة، ولا أريد أن تخرج الأمور للعلن. نحتاج إلى التصرف." قال: "سآتي إليك."
المهم، بعد أسبوع وصل إلى الكويت وجاء إلى أخته سعدية. كان غاضبًا وناويًا على ارتكاب جريمة في بنت أخيه يسرى.
لكن، يعرف أن الموضوع في هذا الوقت قد خرج عن السيطرة. ماجد عرف بالخبر وبدأ يرتجف، فالموضوع تضخم وسعدية اتصلت بأخيها، لكن يسرى لم تقل من هو. دخل عليها ماجد أكثر من مرة في الفترة محذرًا "لا تقولي من هو. اسكتي وأنا سأحل الموضوع."
ويرتجف ماجد، محتار ويفكر، ويخطط، ولا يعرف ماذا يفعل. وصل أخو سعدية الكبير، الذي هو عم يسرى، وتم وضع يسرى في الغرفة. بدأ بضربها قائلًا: "تكلمي، من هو؟ وما علاقتك به، ومتى حصل كذا؟"
استخدموا كل الطرق، وكان الحديث مع سعدية قاسيًا. قالت: "هذا زوجك، يا عمتي." ماجد قال: "ماذا تقولين؟" فقالت: "نعم، في البداية لم أصدق." وأخو سعدية الذي هو عم يسرى قال: "والله إذا طلع هذا صحيح لقتلته."
بدأوا يبحثون عن ماجد لمعرفة صحة الكلام الذي تقوله يسرى. لكن ماجد، الظاهر أنه تأزم مع الموقف، ولم يعرف كيف يخرج من المشكلة. لذلك، واجههم بجرأة، وقال: "نعم، أنا الذي فعلت هذا. وإذا تريدون أن أحل الموضوع، سأحله. إذا كانت فضائح، فكيفكم. أستطيع أن أنكر، وأستطيع أن أعمل الكثير، لكنني مستعد لأن أستر على البنت."
قالوا له: "كيف تستر على البنت؟" قال: "أتزوجها." قالوا: "كيف تتزوجها، يا حمار؟! لا يصح أن تتزوج العمة أو الخالة، والبنت موجودة."
قال: "خلاص، أنا سأحل الموضوع. لدي واحد من أصدقائي يتزوجها ويستر عليها. تذهب البنت لتعيش، ولا نقتل بعضنا، ولا شيء."
طبعًا، سعدية جنّت وصارت تضرب في ماجد، وكذلك أخوها، ولكن في بالهم أن الستر أفضل. هذا الحقير لم يكن خائفًا، ولم يريدوا الشجار معه، لكنهم أرادوا أن يستروا على الموقف. قالوا له: "شوف لك يومين لتحل هذا الموضوع."
قال: "ماشي." ذهب عند أحد أصدقائه، وهو صديق من المقهى. كما تعلمون، المقاهي دائمًا تجمع كل أنواع البشر؛ تجدون فيها المجنون والصاحي، وفوق هذا كله لا تثق بأحد.
ماجد عرف أنه لديه صديق من المقهى، وهو إنسان حالته الاجتماعية مدمرة، لا وظيفة ولا بيت. ذهب له ماجد وقال: "اسمع، لماذا لا تتزوج؟"
قال: "معاذ الله! كيف أتزوج وأنا لا أملك وظيفة ولا مهر؟" قال ماجد: "عندك غرفة، أستطيع أن أجيب لك بنت عمرها 14 سنة، جميلة، كذا."
قال: "ماذا؟ بنت في هذا العمر تقبل بي، وأنا لا وظيفة لي ولا بيت؟"
قال ماجد: "أنت ماذا تريد؟ إذا كنت تريد أن تتزوج، سأساعدك. سأساعدك في وضعك، وأوفر لك شقة، وأستطيع أن أعطيك مصروفًا."
قال: "يلا، يا ريت."
قال: "هذه بنيه مثل ابنتي، وأنا مربيها. هذه تصير بنت أخو زوجتي، ونريد فقط الستر."
قال: "يلا، ليس لدي مانع."
ذهب ماجد إلى سعدية وأخوها الكبير، وقال لهم: "خلاص، أنا حليت لكم الموضوع."
سألوه: "كيف حليته؟" فقال: "في واحد من أصدقائي، وهو يريد الزواج بها، وهو راضي."
قالوا له: "لكن لا تتكلموا عن موضوع الحمل ووقت الولادة. نحن سنعزله خلال الفترة التي ستولد فيها."
قالوا: "ماشي، نعيش على هذا الأساس."
قال: "إذا جاء اليوم المعلن، سيتزوج العريس وسنكتب الكتاب."
لكن لدينا مشكلة صغيرة. قالوا: "ماذا بعد؟" قالوا: "بنت عمرها 14 سنة، وعلينا أن نزوجها قبل أن يأتي موعد الولادة. إذا ذهبت إلى المستشفى للولادة، سينكشف الأمر، وستظهر أنها ليست متزوجة، وسيدخل الموضوع في سين وجيم، وتنكشف السالفة، وأنتم بالتأكيد لا ترضون أن تنكشف البنت، بنت أخيكم، وهو ممسكهم من خوف الفضيحة التي هم متخوفون منها."
قالوا: "طيب، كيف سنحل هذا؟"
قال: "البنت عمرها 14 سنة، والقانون في الكويت لا يسمح بالزواج إلا لمن بلغ 15 عامًا أو أكبر. وأنتم مضطرون الآن لكتابة الكتاب حتى لو جاء موعد الولادة، ستصبح البنت متزوجة بشكل رسمي، صحيح؟"
قالوا: "نعم، صحيح."
قال: "ما الحل إذن؟"
قال: "عندي حل. الحل أن نأخذ شهادة ميلاد سعدية." طبعًا، زعلت سعدية وبكت، لكنها تقبلت الأمر وقالت: "دعونا نتجاوز هذه المصيبة، ثم أتصرف مع ماجد."
قال: "احضروا لي شهادة ميلاد سعدية، وسنقوم بإزالة الاسم ونضع اسم يسرى."
قالوا: "ونضع اسم يسرى بعمر من؟ سعدية، وهي كبيرة، عمرها في منتصف العشرينات تقريبًا، 26 أو 27 أو حتى 30." لكن الاسم هو الأهم. سأرجع بكم إلى الثمانينات، حيث كانت شهادة الميلاد تكتب بخط اليد، أي كتابة يدوية على ورقة، وكثيرًا ما تحتوي على اختام، مما يجعل من السهل تزويرها.
بالإضافة إلى أن المأذون الشرعي في ذلك الوقت لم يكن متشددًا كما هو اليوم. كانوا يزوجونك حتى لو عندك شهادة ميلاد أو جواز سفر. حاليًا، لا يصير إلا ببطاقة مدنية وبطاقة ذكية، ولا بد من هويتك، ولا بد من إحضار ورقة من المحكمة والجنسية، والموضوع صار متشددًا جدًا.
لكن في ذلك الوقت، أو حتى الآن، بالنهاية يجب تصديق عقد الزواج في المحكمة. عندما تذهب إلى المحكمة، سيظهر الأمر، وسيشكون في الأوراق ولذا سيكون لديهم دليل على أنها مزورة. لكنهم في ذلك الوقت كانوا مطمئنين، واعتقدوا أنهم يستطيعون استغفال المأذون بسهولة.
فكروا في أن يحضروا شهادة ميلاد، ويزيلون الاسم، ويضعون اسم يسرى. كما علمت، جاء المأذون الشرعي ليزوجها، وبما أن عمها موجود وعمتها موجودة، كانت الأمور تسير بشكل جيد، ولم يكن شرط حضورها ضروريًا.
لأن المأذون قد يقول: "هذه مستحيل أن يكون عمرها 30، لا، هذه تبدو صغيرة." فهم مستغلون هذه النقطة في ذلك الوقت. فقالوا: "حسنًا، فكرة جيدة." جلبوا شهادة ميلاد سعدية، وقدروا بطريقة ذكية على مسح اسم سعدية ووضع اسم يسرى. ثم جاء المأذون الشرعي والعريس، وكان العريس متفقًا مع الموضوع، لأنه يعلم أن يسرى صغيرة.
قال: "لا مانع لدي أن أتزوج واحدة صغيرة." جاؤوا المأذون الشرعي والعريس، وعم يسرى هو الذي سيزوج يسرى بالرجل. يريدون أن ينتهي الأمر بسرعة، ولا ينفضحوا.
المهم، أثناء الزواج أو أثناء كتابة العقد، قال المأذون: "زوجتك بنت أخوك على سنة الله ورسوله." وهذا كان قبل الزواج من يسرى. لكن بينما كان المأذون موجودًا، حصل شيء غير متوقع. تم طرق الباب بقوة.
توجهت سعدية لفتح الباب، وإذ بهم الشرطة! سألوها: "أنتِ سعدية؟" قالت: "نعم." ثم دخلوا، وسألوا: "أنت فلان، وهو العم الكبير؟" فأجاب: "نعم." سألوه: "أنت فلان، الذي هو العريس؟" قال: "نعم." ثم أخذوهم جميعًا إلى مركز الشرطة.
أخذوا سعدية، التي أعدت شخصية يسرى لتظهر كأنها كبيرة، وأخذوا العريس وأخو سعدية الكبير، وأخذوا المأذون الشرعي. لكن يسرى، وهي البنت الصغيرة القاصر، وماجد لم يكونوا موجودين؛ لأن ليس لهم علاقة في موضوع كتابة الكتاب.
عند الشرطة، اكتشفوا أن ماجد هو الذي بلّغ الشرطة عن سعدية، أنها تريد الزواج من رجل آخر وهي لا تزال على ذمة رجل. فقالت: "مستحيل، هي بكر!" قالوا: "لا، لا، هذه أصلاً اسمها سعدية، وشهادة الميلاد التي لديك ترغب في الزواج بناءً عليها مزورة."
هذا البلاغ كان من الزوج نفسه. انصدموا، ويريدون أن يخرجوا من هذا المأزق.
طبعا، أنكروا كل شيء، لكن الأدلة كانت واضحة. حتى المأذون شهد أنهم قدموا له شهادة ميلاد مزورة، وأن هذه الفتاة انتحلت شخصية واحدة اسمها يسرى، بينما اسمها الحقيقي سعدية. قالت بأنها بكر، وهي ليست بكرًا، بل متزوجة، وادعى المأذون أنه لم يكن لديه علم بكل ذلك. المأذون لا تحمل مسؤولية الأوراق التي قُدمت، فإذا كانت مزورة، فسيظهر ذلك عندما يُصدق العقد في المحكمة.
لكن المأذون شهد عليهم في الواقع. تم حجزهم في النيابة، وحُولوا للمحكمة، بعد أن أمر وكيل النيابة بحجزهم لمدة 21 يومًا. ماجد، ومعه يسرى، اختفوا في أول جلسة. طبعًا، سعدية كانت تبكي وتنهار، وتقول لهم: "والله العظيم الذي حدث كذا." فقالوا: "هذا الكلام تقولينه للقاضي."
وواصلوا: "نحن علينا أن نثبت ما حدث في الواقعة، وفي بلاغ مقدم للزواج من أكثر من رجل. وهذه قضية، وفوق ذلك، هي تزوير وانتحال شخصية."
طلبت سعدية من القاضي في أول جلسة أن يفرج عنها بكفالة حتى تجلب يسرى، بنت أخيها. هذه هي الدليل الوحيد الذي سيؤكد براءتها. وقالت للقاضي: "القصة وما فيها أن بنت أخي هذه طلعت حامل، والحقير الذي اعتدى عليها هو زوجي، وأنا من ربيتها. حاولنا أن نستر عليها، وهو الذي أعطانا فكرة تزوير شهادة الميلاد لكي نتزوج صديقه."
وأكدت أن صديق ماجد قال أيضًا: "تعال، أزوجك هذه البنت، ونريد أن نمشي الأمور بحجة أنها شهادة ميلاد مزورة، حتى يظهر عمرها."
قالت: "أنا لم أدرِي أنها حامل." لكن القاضي لم يقتنع بكلامها. ومع ذلك، قال: "سأفرج عنك بكفالة، ولكن وضعها سيكون تحت كفالة عالية."
لكن سعدية لم تتمكن من دفع الكفالة، وبقيت محبوسة حتى صدر الحكم بالسجن لمدة عشر سنوات. إذا دفعت الكفالة، ستخرج، ولكنها لم تتمكن من دفعها، لا هي ولا أخوها. كانوا خائفين من إبلاغ عائلتهم في العراق، حيث أصبح الموضوع أكبر مما توقعوا.
المصيبة تعقدت أكثر، وأصبح هناك انكشاف حول موضوع بنت أخيهم. وفوق ذلك، من سيصدق أن سعدية لم تكن تريد الزواج برجل آخر وأن أخاها يتاجر بأخته؟
المهم، القاضي في محكمة الاستئناف حكم بتأييد حكم السجن، لكن تم تخفيضه إلى خمس سنوات لسعدية والعريس. أما أخو سعدية، فلم يكن هناك مجال لتغيير الحكم. وتمت متابعة الحكم في محكمة التمييز.
أخذت سعدية وأخوها والعريس إلى الحبس، بينما ماجد منذ البداية كان يختفي. وعندما أُخذت عائلته بسس يسرى، عادوا إلى العراق. اختفى هناك. حاولوا بذل كل جهدهم لكي تعود يسرى وتعترف، لكن البنت اختفت. وماجد أيضًا اختفى.
اختفى ماجد، وأخذ أولاده ورماهم عند أقاربه هناك، وأخذ يسرى وانحاش بها إلى منطقة لا يعرفها أحد. بعد عدة أشهر، وصلت ورقة طلاق إلى سعدية، وعرفت من جماعتها أن ماجد بعد ما طلقها تزوج من يسرى، لكن مكانهم لم يكن معلومًا. مرت السنوات، كما تعلمون، في عام 1988 و1989 كانت تلك فترات متوترة في العراق.
سنة 1990 حدث الغزو الصدامي على الكويت، وتغيرت الأوضاع بالكامل. في عام 1991، تحررت الكويت، وفي أثناء الغزو، انفتحت السجون وتم الإفراج عن جميع السجناء، ومن بينهم سعدية وأخوها والعريس.
طبعًا، سعدية في أثناء الغزو أخذت أخاها وعادوا إلى العراق. في تلك الحالة، لم يعد أحد من العائلات العراقية التي كانت في الكويت يقيم هناك. هم عادوا بعد الغزو. ذهبت مع أخيها بعد أن هربت من السجن حتى لا تعود للسجن مرة أخرى. وعرفت أن أولادها موجودون عند أهل زوجها، لكن زوجها منذ عام 1988 مختفي، ولا أحد يعرف مكانه، لا هو ولا يسرى.
مرت السنين، وجاء عام 1996، واكتشفت سعدية أن ماجد يعيش في بغداد. بدأت تطارده وتراقبه حتى عرفت مكان بيته. وفي أحد الأيام عندما عاد ماجد إلى البيت، تزوج يسرى وصار لديه منها ولد وبنت، وكانت يسرى قد بدأت تعيش حياتها الجديدة.
عندما فتح ماجد الباب، جاءته طعنة في ظهره بسكين جاءت في مقتل. طُعنت في ظهره من الجهة القريبة من القلب، ومن قوة الطعنة دخلت السكين في جسده. عندما التفت، كانت سعدية هي التي طعنته. حاول أن يهرب، لكنها علقت في ظهره، وهو ينزف، وهي تنقض عليه كما لو كانت تريد أن تتعلق به وتخنقه. وهو منهار من النزيف، صار يصارع الموت، وهي تخنقه حتى مات.
وهنا ارتكبت سعدية جريمة قتل في ماجد، الذي دمر حياتها وحياة أولادها، وحتى حياة بنت أخيها التي أصبحت أسيرة لديه في السنوات الماضية.
عندما عرفت مكان يسرى، ذهبت وضربت الباب، وفتحت لها الباب يسرى. عندما رأت عمتها، بدأت تبكي وتبوس يديها ورجليها، وتقول: "سامحيني يا عمتي."
قالت لها سعدية: "والله أنا عارفة أنك ضحية مثلما أنا ضحية. كل ما حدث كان غصبًا علي. كان يعتدي علي ويضربني وأنا صغيرة في العمر. وحاملة في بطني هذا الجنين، لم أكن أدري إلى أين أذهب. هو الذي أخذني وهو الذي دبر كل شيء. أنا ما عرفت ما حدث معك في الكويت،. والله لم أكن أدري عن أي شيء .قالت لها انا ادرى به وجئت اليوم لأخلصك منه وأخذ بحقي."
انتظرت حتى دخل المنزل وطعنته طعنة أثرت في قلبه، والتي كانت كفيلة بتخفيف غليلها.
المهم، تم القبض على سعدية وتم محاكمتها في البداية بالسجن المؤبد، لكن بعد معرفة القصة كاملة، شهدت معها يسرى بأنهم كانوا ضحايا لشخص مهووس ومجرم، وتم تخفيض الحكم إلى 17 عامًا. هذه كانت نهاية قصتنا. في أمان الله، مع السلامة.